أكتوبر 24، 2014

الإفادة في خطب الجمعة المعادة .. بقلم عبد المنعم الخن

إن أعظم أهداف خطبة الجمعة وعظ الناس وتذكيرهم بما يقربهم إلى مولاهم -سبحانه وتعالى- وبما يعود عليهم بالنفع في دينهم ودنياهم ومن هذا المنطلق أبدأ
مقالي .. 


وصل عدد المساجد والزوايا في مصر وطبقا للجهاز المركزي للإحصاء إلي 108 آلاف و395 مسجدا وزاوية , وهذا يعني أنه يوجد نفس العدد من خطباء الجمعة الذين يعتلون المنابر , وللأسف معظم هؤلاء غير مؤهلين علميا أو فكريا أو تنويريا لإداء خطبة الجمعة.

خطبة الجمعة في مساجدنا يا سادة وعلي يد هؤلاء غير المؤهلين لإفادة الناس في دينهم و في دنياهم , فلا هم أفادوهم في هذا أو ذاك ففي دينهم فإن الغالبية العظمي من الخطباء تستنطق حديثا معروفا بالضرورة حتي للبسطاء لأنه يتكرر كل أسبوع , هذا بجانب سياق الحديث والذي دائما ما يكون في غير موضعه , والسياق هنا هو من يوجه لهم الخطبة , أنهم يتكلمون عن وجوب الصلاة لأناس هم يصلون أمامهم ويعرفون أهمية الصلاة وإلا لما أتوا للصلاة , ويتكلمون عن ضرورة الصيام في أيام رمضان كركن من أركان الدين ويوجهون حديثهم للصائمين الذين أتوا لصلاة الجمعة وهم صائمون حتي غير الصائمين يعلمون بالضرورة أهمية الصيام لأنهم في الأول والآخر مسلمون وكل مسلم منذ نعومة أظافره يعلم أركان الإسلام الخمسة.

ويحدثون المصلين بحديث جهنم والسعير والنار والعذاب يوم القيامة وعذاب القبر والثعبان الأقرع ويفيض حديثهم بهذا ويزيد مع العلم أن كل المصلين أمامه يعلمون ذلك ولا جديد أو تجديد في خطاب الجمعة , فهو نسخة مكررة أسبوعبا لا فائدة منها لأنها معلومة بالضرورة لكل الناس أما عن رحمة الله التي وسعت كل شيء فيعرجون عليها سريعا ولا يولونها إلا النذر اليسير.

هذا عن ما لا أستفاده المصلون من خطبة الجمعة , أما ما لا إستفاده من شئون الدنيا فلا شيء أيضا , الغالبية العظمي من الدعاة حتي الأزهريين لا يتناولون شئون الدنيا في خطب الجمعة , هذه الشئون هي حياة الناس وهي الأصل والحياة سبقت الأديان حتي بعد نزول الأديان ظل الدين نشاط إنساني وأصيح يمثابة شعاع ينير الطريق لباقي الأنشطة الإنسانية الحياتبة.

من أجل ذلك كان ينبغي علي خطباء الجمعة تناول الأنشطة الإنسانية والحياتية الأخري , فلم نسمع في خطب الجمعة كلاما عن تربية الولد كعلم إنساني إجتماعي , ولم نسمع خطابا عن النظافة كسلوك إجتماعي وديني أيضا ( النظافة من الإيمان ) حديثا يحث الناس علي الإقلاع عن إلقاء القمامة في الشوارع , لم نسمع خطابا عن أهمية الوقاية من الأمراض التي تفتك بالمسلمين في كل الأوطان وتبيان السلوك والأسلوب الصحي الذي يجب إتباعة من قبل المسلين لوقاية أنفسهم من شرور المرض , لم نسمع حديثا أو خطابا من معتلي المنابر يوم الجمعة يحث المصلين عن الإعلاع عن التدخين لأنه حرام بإجماع الآراء لوجود علة به هي ذاتها علة تحريم الخمر وهو أذي وقتل النفس , لم أسمع شيخا علي منبر يذكر المصلين المدخنين بالآية الكريمة ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) جزء من آية 29 من سورة النساء.

الإسلام هو جوهر عظيم وأنزله ربنا سبحانه وتعالي لهداية الناس وأخراجهم من الظلمات إلي النور , والإسلام ليس عبادات فقط وإنما هو سلوك وللأسف ضيّع المسلمون الجوهر بسلوكهم , ذلك السلوك الذي كنت آمل من خطباء الجمعة أن يتصدوا له بالحكمة والموعظة الحسنة حتي يأتي اليوم الذي لا نجد فيه فسادا أو قاطع رحم أو مؤذي لجاره أو مستهين بضيفه , وحتي يأتي اليوم الذي نهتم فيه بالعلم الحديث الذي يفيد المسلم لا علم "نمص الحواجب وطول الجلباب ونجاسة الكلب والإغتسال بعد مواقعة ميت أو حيوان كما في باب الغسل للإمام الشافعي.

مهازل أخري كثيرة زخرت بها كتب التراث بداية من القرن الثالث الهجري وحتي القرن السابع الهجري , قرن الطبري وإبن تيمية وإبن كثير و بعد ذلك لا شيء إلا تقديس هذه الكتب التراثية وتقديس البشر الذين كتبوها وهي كتب تسيء أول ما تسيء إلي الإسلام ذاته , وتسيء إلي المسلمين بتكفيرهم وتدعو لقتلهم مثل فتوي إبن تيمية في "الجهر بالنية" تفتي بقتل كل من يجاهر بالنية بمعني أنك لو قلت نويت كذا .. تكفر وتقتل , إن كتب التراث هذه ظلت هكذا علي ما فيها من الكثير من الغث والقليل من الصحيح , حتي هذا الصحيح كان إجتهادا مشكورا ولكن للفترة الزمنية التي عاشوها , إن الكارثة التي يفرضها علينا خطباء المساجد هي ترديد "ببغبغاوي" لما اتي بهذه الكتب التراثية التي قدسوها من هم قبلنا ومن هم معنا الآن.

أثني عشرة قرنا أو يزيد يتم فيها تقديس كتب التراث وتقديس من كتبها وحتي اليوم ندرس بعض هذه الكتب في جامعة الأزهر والمدارس الثانوية الأزهرية .. أفبعد ذلك نتساءل من أين أتي فكر التكفير والقتل والإرهاب وداعش؟!!!

ليست هناك تعليقات: