الثلاثاء، 21 أكتوبر 2014 - 11:00 ص داعش - أرشيفية تحقيق سارة علام نقلا عن العدد اليومى : عزيزتى أمى: «لم أعد
أتحمل العنف والاغتصاب الذى أشهده كل يوم كجزء من حياتى الجديدة ضمن صفوف مقاتلى داعش.. أريد العودة إلى منزلى، أتعرض لأبشع أنواع التعذيب والاغتصاب، كل المقاتلين يضاجعوننى دون رحمة أو شفقة، مارسوا الجنس معى حتى أثناء دورتى الشهرية». رسالة أرسلتها سامرا المراهقة النمساوية التى تركت عائلتها لتنضم إلى صفوف داعش، مع صديقتها بعد أن أقنعها الشباب المتطرف الشيشانى بالجهاد. سامرا التى تبلغ من العمر 16 عاما، أطلقت عليها وسائل الإعلام الغربية ملكة جمال داعش، فتحت الباب أمام البحث عن أصل فتوى جهاد النكاح ظهرت على الإنترنت على هامش الأزمة السورية ونسبت إلى الداعية السعودى محمد العريفى تدعو النساء إلى التوجه نحو الأراضى السورية من أجل ممارسة نوع خاص من الجهاد، أى إمتاع المقاتلين السوريين لساعات قليلة بعقود زواج شفهية من أجل تشجيعهم على القتال. واشترط العريفى، حسب الفتوى المنسوبة له، تجاوز أعمار الفتيات الرابعة عشرة من العمر وكونهن مسلمات. ولكن هل هناك أصل فى التراث الدينى لفتاوى جهاد النكاح، وإلام استند الدعاة السلفيون فى تلك الفتوى من السيرة والحديث؟ البخارى ومسلم يبيحان نكاح المتعة فى الجهاد تحتفى السيرة النبوية بأحاديث شريفة قاتلت فيها النساء إلى جانب الرجال فى الجيوش، مثل قصص أم عمارة وأم سلمة وغيرهما من النساء المقاتلات، لكن إلى جانب ذلك تبين وجود أحاديث شريفة تبيح زواج المتعة للرجال المشاركين بالغزوات، حيث ذكر أنهم كانوا يمارسون نكاح المتعة خلال غزواتهم بترخيص من النبى محمد، وذلك مما ذكر فى صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة النساء مع الرجال. وفى صحيح مسلم أيضا، كتاب الجهاد والسير، باب عدد غزوات النبى، صلى الله عليه وسلم، وفى كتاب النِّكَاحِ، بَاب نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَبَيَانِ أَنَّهُ أُبِيحَ، فى صحيح مسلم، أما صحيح البخارى فذكر فى كتاب الطب، باب هل يداوى الرجل المرأة أو المرأة الرجل وإليكم بعضا من هذه الأحاديث: - عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ أَوْطَاسٍ فِى الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا، ثُمَّ نَهَى عَنْهَا»، وعام الأوطاس هو عام الحرب. - عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، يَقُولُ: «كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: أَلَا نَسْتَخْصِى فَنَهَانَا، عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ إِلَى أَجَلٍ». - عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِىِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُتْعَةِ عَامَ الْفَتْحِ حِينَ دَخَلْنَا مَكَّةَ، ثُمَّ لَمْ نَخْرُجْ مِنْهَا حَتَّى نَهَانَا عَنْهَا». «عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، أَنَّ أَبَاهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتْحَ مَكَّةَ قَالَ: فَأَقَمْنَا بِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثِينَ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ، فَأَذِنَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى مُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَخَرَجْتُ أَنَا، وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِى، وَلِى عَلَيْهِ فَضْلٌ فِى الْجَمَالِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الدَّمَامَةِ، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا بُرْدٌ، فَبُرْدِى خَلقٌ، وَأَمَّا بُرْدُ ابْنِ عَمِّى فَبُرْدٌ جَدِيدٌ غَضٌّ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَسْفَلِ مَكَّةَ أَوْ بِأَعْلَاهَا، فَتَلَقَّتْنَا فَتَاةٌ مِثْلُ الْبَكْرَةِ الْعَنَطْنَطَةِ، فَقُلْنَا: هَلْ لَكِ أَنْ يَسْتَمْتِعَ مِنْكِ أَحَدُنَا؟ قَالَت: وَمَاذَا تَبْذُلَانِ؟ فَنَشَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بُرْدَهُ، فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ وَيَرَاهَا صَاحِبِى تَنْظُرُ إِلَى عِطْفِهَا، فقَالَ: إِنَّ بُرْدَ هَذَا خَلَقٌ، وَبُرْدِى جَدِيدٌ». بقراءة وتفسير الأحاديث السابقة يتبين أن نكاح المتعة فى تلك الغزوات كان بين رجال الجيش الإسلامى ونسائه، ولم يكن يحدث بين رجال المسلمين ونساء العدو، ومع ذلك فإن العديد من المشايخ يحرمون جهاد النكاح، لأنه لم يرد لفظاً فى أحاديث الرسول، عليه الصلاة والسلام، إلا أن عقول الدواعش استندت إلى تلك الأحاديث النبوية الواردة فى الصحيحين لابتداع نكاح مشابه أطلقوا عليه جهاد النكاح. الإغريق امتهنوا المرأة وأول من عرفوا جهاد النكاح فى كتابه «جهاد النكاح» الصادر عن دار أبعاد ببيروت، يؤكد الباحث الفلسطينى دكتور عادل سمارة، على وجود سياق تاريخى لجهاد النكاح وظهور الشحنة النفسية للرجل المالك والمسيطر التى تغريه وتقنعه بامتلاك المرأة لا بزمالتها أو شراكتها، وهو ما لم يظهر خلال فترة قريبة، وإنما ظهر فى العصر اليونانى المتوسطى المشرقى، حيث يقفز الكاتب فوق الصورة النمطية التى تعلمناها عن هذه الحضارة باعتبارها حضارة للفلسفة والأدب والأسطورة، ليقول إنها أسست نظرية مفادها أن المرأة جزء من الملكية الخاصة للرجل لا يختلف عن سلعة، يحتاجها الرجل فى كل لحظة مما جعلها تُداس، أما المجتمع الحديث فما زال يعيش بتأثير الثقافة والفكر اليونانيين فى الملكية الخاصة والمرأة. يدافع سمارة عن موقفه من خلال مقولة شهيرة جدا فى الفكر اليونانى تنتصر لهذا السياق، قالها الفيلسوف اليونانى الأشهر أفلاطون حين أكد أن «نساء محاربينا يجب أن يكن مشاعًا للجميع، فليس لواحدة منهن أن تقيم تحت سقف واحد مع رجل بعينه، وليكن الأطفال أيضا مشاعًا، بحيث لا يعرف الأب ابنه ولا الابن أباه» وإذاً، كيف على الثورى أن يكون ناسكًا كما قال جيفارا؟ من دون شك، وهنا العلاقة واضحة بين الحرب والجنس باعتباره هدية المنتصر القادر والقوى.. فالجنس «لا يهدى» للجبناء! ويلخص سمارة فى كتابه العلاقة بين جهاد النكاح والفلسفة اليونانية، فيرى أن الفكر اليونانى القديم مهّد على لسان بعض مفكريه الكبار، ومن خلال كتاباتهم وأدبياتهم لهذا الموقف المتدنى من الجنس والمرأة الذى أسس بدوره لترويج هذا فى المجتمع الغربى المعاصر، الأمر الذى يعد من البدايات ربما الأولى لجهاد النكاح فى تاريخ الإنسانية. ويضيف تشكل أفكار أرسطو وأفلاطون حول مشاعية النساء والجنس انسجاما مع الفكر الدينى ومقدمة للمدرسة المثالية فى الفكر العربى وخاصة الإمام الغزالى. وهى أيضا، كما يقول الكاتب، معتبرا أن فتاوى جهاد النكاج تزدهر فى المجتمعات التى لا تعمل ولا تنتج وتعيش على الريع ولا تعرف المواطنة، أى المجتمعات التى هى فى غاية الانحطاط مهما وصل غناها وحضارتها الظاهرية إلى ذروته. ويشدد سمارة فى كتابه أن توظيف المرأة فى الحرب يكون تحديدًا لصالح الطبقات التى لها مصلحة فى الحرب وخاصة منذ فجر تاريخ الملكية، وسيبقى هذا الأمر مستمرًا إلى أن يتم اقتلاعها. أما عن التهميش السلفى للنساء اليوم فينبع من مصدرين: أولا: المصدر السياسى، وهو ارتباط السلفية الوهابية بالاستعمار البريطانى، وثانيا: المصدر المذهبى المرتكز على فكر ابن تيمية الذى يعتبر أفضل النماذج المعبرة عن التهميش السلفى للنساء. ويؤكد الكاتب «أن هذا الفكر الداكن إنما ترك تأثيره القوى فى سلفى العصر، وكانت له أفكاره حول شتى القضايا المرتبطة بالمرأة كالنفقة والحيض والصلاة والمهر إلخ»، وطبعًا آخرها هذه الفتاوى المرعبة لجهاد النكاح فى سوريا. دراسة حديثة: فتاوى النكاح ظهرت فى بلاد النفط وطبقتها الدول الأفقر وزير الداخلية التونسى لطفى بن جدو أعلن خلال جلسة مساءلة أمام البرلمان، أن التونسيات اللاتى يسافرن إلى سوريا «يرجعن إلينا يحملن ثمرة الاتصالات الجنسية باسم جهاد النكاح، ونحن ساكتون ومكتوفو الأيدى، بعدما استفحلت ظاهرة «جهاد النكاح» إثر عودة مئات التونسيات من سوريا وهن حوامل لمؤازرة المقاتلين تطبيقا لفتوى العريفى. الأمر الذى لفت عادل سمارة فى كتابه جهاد النكاح، حين يتحدث عن البعد الطبقى لجهاد النكاح حيث النساء قد استجلبن من دول فقيرة مثل تونس، بينما لم تذهب سعودية أو خليجية واحدة ربما إلى هذا الجهاد فى سوريا، ولم تقدم لهن التسهيلات، لذلك على الرغم من أن هناك ربما سعوديات ووهابيات يؤمن بجهاد النكاح ويتمنينه بل أكثر من هذا «كيف يقول لسوريا أبناؤها «نقيدك» كى تُغتصبى، يُملئ فمها بالشوك والتراب..يُدمى رسغيها ويباعد ما بين الفخذين»؟ يتساءل الكاتب: تُرى من تورط عبر التاريخ من الثقافات والحضارات فى جهاد النكاح هذا؟ من أين نبع كل هذا؟ من بدأ به؟ صحيح أن هذه الفتاوى قد تم إنتاجها فى بلاد الريع النفطى، لكنه تم تطبيقها فى بلاد العجز الاقتصادى والثقافة العلمانية، حيث يستغرب الكاتب لماذا وكيف استقبل التونسيون والتونسيات هذا المفهوم للجهاد.. هل هو الفقر والحاجة أم لكسب الدين والدنيا معًا؟ يؤكد الكاتب أن سلفيى الربيع العربى قد تجاوزوا كل من سبقهم فى نوعية الفتاوى وغرابتها من تبرير الاغتصاب إلى جهاد النكاح إلى إرضاع الكبير.. وهذا هو نفق الجاهلية الكبير. يرى الكاتب أن ما حدث فى سوريا هو جريمة يندى لها الجبين فى وضح النهار، وبموافقة النساء وصمتهن، حتى اللوطيون الفرنسيون أرادوا الانخراط فى الجهاد فى سوريا وتغيير النظام لكن من عاد منهم أخبر كيف تعرض للاغتصاب من قبل الثوار. ويعرف الكاتب فى دراسته العدو فيقول هذا العدو أخطر، فهو إلى حد كبير من البلد، مشحون بثقافة متخلفة ثأرية بدوية منتفخة بالمال وتعيش عصر السيف والخنجر، ولدى البسطاء منه أنهم ينفذون أمر الله.. فى مثل هذا الموقف ترى المرأة أن الحقيقة الوحيدة الماثلة أمامها حين يستهدفها الاغتصاب هى: أن تُقتل أو تموت. 3 فتاوى سلفية شهيرة حول جهاد النكاح - خباب يبيح نكاح المتزوجة دون علم زوجها.. فجر الداعية الوهابى الشيخ خباب مروان الحمد قنبلة من العيار الثقيل بتشريعه ما يسمى «جهاد النكاح» للمرأة المتزوجة لمساندة المجاهدين فى حال كانت على محاور القتال، وقال الداعية بفتواه المثيرة للجدل، إن «المرأة المتزوجة المُناط بها الالتزام بأحكام فتوى جهاد المناكحة بحال وجودها بين المجاهدين يشترط بها عدم إعلام زوجها بما ستقوم به، وأضاف: «يجوز للمجاهدة التى اتخذت من الجهاد فى سبيل الله طريقاً أن تنكح غير زوجها فى ساحات الجهاد بشرط عدم علم زوجها، وذلك حتى لا تؤذى مشاعره، ولكن فى حال قبول الزوج أن تُنكح زوجته من مجاهد فلا مشكلة بمعرفته وعمله بذلك، وعملها خالص لله عز وجل». - ناصر العمر يبيح جهاد النكاح فى المحارم.. أفتى الداعية السعودى ناصر العمر للمجاهدين فى سوريا، بجواز جهاد النكاح مع محارمهم فى حال عدم وجود مجاهدات من غير المحارم، وأثنى الداعية السعودى على المجاهدين فى قتالهم المتواصل ضد آلة الكفر والظلام المتمثلة- حسب وصفه- فى كل من النظامين السورى والإيرانى. و من خلال كلمته التى بثتها قناة وصال، لسان حال إحدى الحركات المتشددة، قال «العمر»: إن البعض اليوم يسارع إلى انتقاد فتاوى الدعاة التى تخدم إخواننا المجاهدين فى سوريا، بينما لم ينتقدوا إجرام وقتل الأطفال والنساء فى سوريا»! هذه ليست المرة الأولى التى يصدر فيها الداعية السعودى ناصر العمر فتاوى جنسية مثيرة للجدل، فقد أصدر منذ فترة فتوى تجيز سبى نساء الشيعة وتوزيعهن على المجاهدين. - جهاد النكاح مع شرب بول المجاهدين.. الداعية السعودى الشيخ صالح المغامسى، إمام وخطيب مسجد قباء فى المدينة المنورة، أباح للمجاهدين فى سوريا من الجيش الحر وجبهة النصرة فتوى «شراب بول المجاهدين» وذلك من أجل غسل ذنوبهم بحسب تعبير المغامسى، وبثت قناة وصال السعودية مقابلة خاصة مع المغامسى بعنوان: «فتوى جبهات الجهاد» حيث ناقش المغامسى ضرورة العمل فى الفتاوى الصادرة عن علماء المملكة من أجل عدم وقوع المجاهدين فى الضلال فى سوريا والعراق، وقال الدنيا مرحلة عبور، وعلى المؤمن والمجاهد وخصوصا فى سوريا أن يتزود بأعمال الخير وغسل الذنوب، وهذا امتحان للمجاهد لغسل ذنوبه فى تنفيذ حكم شراب البول. وحول فتوى جهاد النكاح قال: «سمعت العديد ينتقد هذه الفتوى ولكن ما المشكلة بها وهى صادرة عن عقيدة إيمانية؟ وأنا أؤيد هذه الفتوى». لينا العائدة من سوريا.. الجهاد فى الفراش أوردت مجلة «كاونتر بانش» قصة إحدى النساء السوريات التى عانت من فتاوى «جهاد النكاح» تحت عنوان «الجنس والثورة السورية»، إذ ذكرت المجلة فى البداية حال التردد التى وقعت فيها الفتاة قبل موافقتها على إجراء المقابلة، وعند قبولها بالأمر على مضض أصرت على أن يكون اللقاء فى مكان عام. تصف المجلة لينا «اسم مستعار» بالمرأة الدمشقية العادية من حيث اللباس، إذ تلبس معطفاً طويلاً يغطى كامل جسدها، وتضع على رأسها حجاباً يغطى كامل شعرها. هى امرأة فى أواخر العقد الثالث من عمرها، مطلقة وأم لثلاثة أطفال، عاشت فى بيت أهلها لفترة من الزمن وعملت بأجر زهيد لتأمين قوت عائلتها، إلى حين عرض عليها أحد المشايخ الزواج من رجل يوازيها فى العمر تقريباً، قبلت لينا العرض، آملة أن يؤدى هذا الزواج إلى تحسين شروط عيشها. الزوج من منطقة عين ترما فى الريف الشرقى لمدينة دمشق، حيث يسيطر الإسلاميون المتطرفون. وبعدما طلب زوجها مرافقته إلى بلدته، دخلت لينا وهى تظن نفسها داخل مدينة أشباح، حيث لا مياه ولا كهرباء، ودمار كامل فى الممتلكات الخاصة والعامة، صدمت بوجود عدد من الرجال لا توحى مظاهرهم بأنهم سوريون يلبسون لباساً أفغانياً بعباءات حتى الركبة، ويضعون غطاءً لرؤوسهم، يحملون السواطير والسكاكين والأصفاد، كما رأت عدداً من السيارات من دون لوحات حكومية، وسيارة إسعاف تابعة لأحد المستشفيات فى المنطقة، كان واضحاً أنها مسروقة. شعرت لينا هناك بأنها تلبس ثياباً فاضحة بين جميع أولئك النساء اللواتى يلبسن نقاباً يغطيهن من رأسهن حتى أسفل أرجلهن مع قفازات لليدين أيضاً. فى عين ترما، أقامت لينا محادثة مع زوجها جعلتها تعيد النظر فى معتقداتها الأساسية وإيمانها، بالنسبة إليها كان الإسلام يشكل الغطاء والإيمان الفعلى، ولكنها سمعت من زوجها أمراً مختلفاً، وأحست بأن ما تسمعه هو إسلام غريب قاتم ومنحرف. أخبرها زوجها أن المشايخ الذين يعيشون فى البلدة قد دعوا جميع من فى المنطقة إلى الجهاد، ولكنه أنبأها أن للجهاد أوجهاً عدة، قد يكون جهاداً بالسلاح والقتال، أو بالمال، وعند الحاجة جهاداً أسماه «جهاداً بالنكاح»، وشرحه لها بأنه ينبغى للفرد أن يتزوج من جميع الأرامل اللواتى فقدن أزواجهن خلال المعارك. فى «جهاد النكاح» يجب على الرجل الزواج من أربع نساء ومن ثم يطلقهن خلال وقت قصير ليتيح لغيره الزواج منهن، كما على المرأة المطلقة بدورها الزواج من أكثر من رجل، وتستمر العملية مداورة بهذا الشكل. وبعدما استمعت لينا إلى شرح زوجها، سألته: «ماذا عن العدة؟»، والعدة هى فترة تمتد إلى حوالى أربعة أشهر يحرم فيها على الأرملة أو المطلقة الاقتراب من أحد الرجال بسبب وجود احتمال بأن تكون حاملاً من زواجها السابق، فأجاب زوجها بتهكم: «سيجد الشيخ فتوى ما لهذه الحالة». إذاً ما المغزى من «جهاد النكاح»؟ ولماذا خرج فجأة إلى الضوء خاصة فى سوريا؟ فى حالة عين ترما، استطاعت لينا استخلاص إحدى الإجابات، فسكان المنطقة جميعاً ينتمون إلى المجموعات المسلحة التابعة للمعارضة، حيث إن عائلاتهم ومناصريهم وكل شخص آخر من هذه المنطقة كانوا قد فروا. كان ضرورياً جداً الحفاظ على الكثافة السكانية فى المنطقة من خلال الحفاظ على من تبقى فيها، خوفاً من تضاؤل أعداد السكان، فتحويل عين ترما إلى نقطة حيوية حيث الجنس المجانى، بالإضافة إلى إعطائه الطابع الشرعى، كان إحدى الطرق التى تساعد على إبقاء السكان داخل المنطقة. نظرية «لينا» حول هذه الدوافع كانت قد أثبتت بعد شهر فقط على زواجها، حيث قرر زوجها «الوفاء بالتزاماته» فى «جهاد النكاح» عندما قرر الحصول على زوجة جديدة وهى فتاة شابة ترملت حديثاً، فسمعت لينا محادثة لهما على الهاتف قبل يوم واحد من زواجهما، حيث كان الشرط الوحيد للزوجة الجديدة هو «أن يثبت الزوج قدرته على التحمل والاستمرار، ليس فقط فى ساحة المعركة وإنما فى الفراش أيضاً!». تبين لـ«لينا» أن «الثورة» كانت مبنية على الحاجات الجنسية والرغبات أكثر منها لتحقيق مطالب مشروعة، ومع الوقت أصبحت حياتها لا تطاق، فقيم زوجها الإسلامية الجديدة التى بدأ بتطبيقها عليها كانت كفيلة بتدميرها، فقد أجبرها على إيقاف التدخين، لأن التدخين بنظره حرام وآثم، وأخبرها فى إحدى المرات كيف أنه كان على وشك النجاح فى اختطاف أحد الجنود السوريين فقط لأنه يخدم فى الجيش، لكن الحظ أنقذه. تركت تجربة لينا مع زوجها الثانى، جرحاً كبيراً لديها، لأنها دمرت إيمانها فى بعض من أبناء بلدها والطريقة التى ينظرون فيها إلى الإسلام، ساعية إلى الطلاق من زوجها بعد شهرين فقط على زواجهما. الأزهر: زواج المتعة أحله الرسول للصحابة فى الغزوات ثم نسخه من جانبه، قال الشيخ سعيد عامر، رئيس لجنة الفتوى بالجامع الأزهر الشريف، إن زواج المتعة الذى أباحه الرسول للصحابة فى الغزوات تم نسخه، وأصبح حراما لأنه ارتبط بعصر الجاهلية، مؤكدا أن فتاوى جهاد النكاح لا علاقة لها بالإسلام، ولا يصح أن نطلق عليه زواجا فهو زنا صريح لا علاقة له بالإسلام، لأنه لم يستوف شروط عقد الزواج. داعية سلفى: الأحاديث صحيحة ولكنها منسوخة إلى يوم القيامة من جانبه، قال الداعية السلفى الدكتور أسامة القوصى، إن الأحاديث الواردة فى الصحيحين البخارى ومسلم، أحاديث صحيحة، كانت تحل نكاح المتعة الذى كان متاحا ثم نسخ إلى يوم القيامة، ولا رجعة فى هذا النسخ، مضيفا: «كانت هناك أمور حلال ثم حرمها النبى الكريم صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة ولا خلاف إذا كان مباحا». وقال، إن علم الناسخ والمنسوخ، ظهر لأن هناك أحكاماً كانت مشروعة وتغيرت إلى أخرى جديدة أصبحت بديلة عن الحكم السابق، مؤكدا أن الشيعة يستحلون زواج المتعة حتى اليوم، ومازالوا على القول بالحل ولا دليل عندهم على القول بالحل، ولكننا نحن أهل السنة على موقف ثابت». واستكمل: لا علاقة لزواج المتعة بما يسمى نكاح المجاهدة، فما ترويه بعض الهاربات من الجحيم فى سوريا، تحكى أنه فى اليوم الواحد كان يدخل عليها ستة رجال دون استبراء، وهو زنا صريح ولا علاقة له بنكاح المتعة المنسوخ.
أتحمل العنف والاغتصاب الذى أشهده كل يوم كجزء من حياتى الجديدة ضمن صفوف مقاتلى داعش.. أريد العودة إلى منزلى، أتعرض لأبشع أنواع التعذيب والاغتصاب، كل المقاتلين يضاجعوننى دون رحمة أو شفقة، مارسوا الجنس معى حتى أثناء دورتى الشهرية». رسالة أرسلتها سامرا المراهقة النمساوية التى تركت عائلتها لتنضم إلى صفوف داعش، مع صديقتها بعد أن أقنعها الشباب المتطرف الشيشانى بالجهاد. سامرا التى تبلغ من العمر 16 عاما، أطلقت عليها وسائل الإعلام الغربية ملكة جمال داعش، فتحت الباب أمام البحث عن أصل فتوى جهاد النكاح ظهرت على الإنترنت على هامش الأزمة السورية ونسبت إلى الداعية السعودى محمد العريفى تدعو النساء إلى التوجه نحو الأراضى السورية من أجل ممارسة نوع خاص من الجهاد، أى إمتاع المقاتلين السوريين لساعات قليلة بعقود زواج شفهية من أجل تشجيعهم على القتال. واشترط العريفى، حسب الفتوى المنسوبة له، تجاوز أعمار الفتيات الرابعة عشرة من العمر وكونهن مسلمات. ولكن هل هناك أصل فى التراث الدينى لفتاوى جهاد النكاح، وإلام استند الدعاة السلفيون فى تلك الفتوى من السيرة والحديث؟ البخارى ومسلم يبيحان نكاح المتعة فى الجهاد تحتفى السيرة النبوية بأحاديث شريفة قاتلت فيها النساء إلى جانب الرجال فى الجيوش، مثل قصص أم عمارة وأم سلمة وغيرهما من النساء المقاتلات، لكن إلى جانب ذلك تبين وجود أحاديث شريفة تبيح زواج المتعة للرجال المشاركين بالغزوات، حيث ذكر أنهم كانوا يمارسون نكاح المتعة خلال غزواتهم بترخيص من النبى محمد، وذلك مما ذكر فى صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة النساء مع الرجال. وفى صحيح مسلم أيضا، كتاب الجهاد والسير، باب عدد غزوات النبى، صلى الله عليه وسلم، وفى كتاب النِّكَاحِ، بَاب نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَبَيَانِ أَنَّهُ أُبِيحَ، فى صحيح مسلم، أما صحيح البخارى فذكر فى كتاب الطب، باب هل يداوى الرجل المرأة أو المرأة الرجل وإليكم بعضا من هذه الأحاديث: - عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ أَوْطَاسٍ فِى الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا، ثُمَّ نَهَى عَنْهَا»، وعام الأوطاس هو عام الحرب. - عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، يَقُولُ: «كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: أَلَا نَسْتَخْصِى فَنَهَانَا، عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ إِلَى أَجَلٍ». - عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِىِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُتْعَةِ عَامَ الْفَتْحِ حِينَ دَخَلْنَا مَكَّةَ، ثُمَّ لَمْ نَخْرُجْ مِنْهَا حَتَّى نَهَانَا عَنْهَا». «عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، أَنَّ أَبَاهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتْحَ مَكَّةَ قَالَ: فَأَقَمْنَا بِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثِينَ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ، فَأَذِنَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى مُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَخَرَجْتُ أَنَا، وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِى، وَلِى عَلَيْهِ فَضْلٌ فِى الْجَمَالِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الدَّمَامَةِ، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا بُرْدٌ، فَبُرْدِى خَلقٌ، وَأَمَّا بُرْدُ ابْنِ عَمِّى فَبُرْدٌ جَدِيدٌ غَضٌّ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَسْفَلِ مَكَّةَ أَوْ بِأَعْلَاهَا، فَتَلَقَّتْنَا فَتَاةٌ مِثْلُ الْبَكْرَةِ الْعَنَطْنَطَةِ، فَقُلْنَا: هَلْ لَكِ أَنْ يَسْتَمْتِعَ مِنْكِ أَحَدُنَا؟ قَالَت: وَمَاذَا تَبْذُلَانِ؟ فَنَشَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بُرْدَهُ، فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ وَيَرَاهَا صَاحِبِى تَنْظُرُ إِلَى عِطْفِهَا، فقَالَ: إِنَّ بُرْدَ هَذَا خَلَقٌ، وَبُرْدِى جَدِيدٌ». بقراءة وتفسير الأحاديث السابقة يتبين أن نكاح المتعة فى تلك الغزوات كان بين رجال الجيش الإسلامى ونسائه، ولم يكن يحدث بين رجال المسلمين ونساء العدو، ومع ذلك فإن العديد من المشايخ يحرمون جهاد النكاح، لأنه لم يرد لفظاً فى أحاديث الرسول، عليه الصلاة والسلام، إلا أن عقول الدواعش استندت إلى تلك الأحاديث النبوية الواردة فى الصحيحين لابتداع نكاح مشابه أطلقوا عليه جهاد النكاح. الإغريق امتهنوا المرأة وأول من عرفوا جهاد النكاح فى كتابه «جهاد النكاح» الصادر عن دار أبعاد ببيروت، يؤكد الباحث الفلسطينى دكتور عادل سمارة، على وجود سياق تاريخى لجهاد النكاح وظهور الشحنة النفسية للرجل المالك والمسيطر التى تغريه وتقنعه بامتلاك المرأة لا بزمالتها أو شراكتها، وهو ما لم يظهر خلال فترة قريبة، وإنما ظهر فى العصر اليونانى المتوسطى المشرقى، حيث يقفز الكاتب فوق الصورة النمطية التى تعلمناها عن هذه الحضارة باعتبارها حضارة للفلسفة والأدب والأسطورة، ليقول إنها أسست نظرية مفادها أن المرأة جزء من الملكية الخاصة للرجل لا يختلف عن سلعة، يحتاجها الرجل فى كل لحظة مما جعلها تُداس، أما المجتمع الحديث فما زال يعيش بتأثير الثقافة والفكر اليونانيين فى الملكية الخاصة والمرأة. يدافع سمارة عن موقفه من خلال مقولة شهيرة جدا فى الفكر اليونانى تنتصر لهذا السياق، قالها الفيلسوف اليونانى الأشهر أفلاطون حين أكد أن «نساء محاربينا يجب أن يكن مشاعًا للجميع، فليس لواحدة منهن أن تقيم تحت سقف واحد مع رجل بعينه، وليكن الأطفال أيضا مشاعًا، بحيث لا يعرف الأب ابنه ولا الابن أباه» وإذاً، كيف على الثورى أن يكون ناسكًا كما قال جيفارا؟ من دون شك، وهنا العلاقة واضحة بين الحرب والجنس باعتباره هدية المنتصر القادر والقوى.. فالجنس «لا يهدى» للجبناء! ويلخص سمارة فى كتابه العلاقة بين جهاد النكاح والفلسفة اليونانية، فيرى أن الفكر اليونانى القديم مهّد على لسان بعض مفكريه الكبار، ومن خلال كتاباتهم وأدبياتهم لهذا الموقف المتدنى من الجنس والمرأة الذى أسس بدوره لترويج هذا فى المجتمع الغربى المعاصر، الأمر الذى يعد من البدايات ربما الأولى لجهاد النكاح فى تاريخ الإنسانية. ويضيف تشكل أفكار أرسطو وأفلاطون حول مشاعية النساء والجنس انسجاما مع الفكر الدينى ومقدمة للمدرسة المثالية فى الفكر العربى وخاصة الإمام الغزالى. وهى أيضا، كما يقول الكاتب، معتبرا أن فتاوى جهاد النكاج تزدهر فى المجتمعات التى لا تعمل ولا تنتج وتعيش على الريع ولا تعرف المواطنة، أى المجتمعات التى هى فى غاية الانحطاط مهما وصل غناها وحضارتها الظاهرية إلى ذروته. ويشدد سمارة فى كتابه أن توظيف المرأة فى الحرب يكون تحديدًا لصالح الطبقات التى لها مصلحة فى الحرب وخاصة منذ فجر تاريخ الملكية، وسيبقى هذا الأمر مستمرًا إلى أن يتم اقتلاعها. أما عن التهميش السلفى للنساء اليوم فينبع من مصدرين: أولا: المصدر السياسى، وهو ارتباط السلفية الوهابية بالاستعمار البريطانى، وثانيا: المصدر المذهبى المرتكز على فكر ابن تيمية الذى يعتبر أفضل النماذج المعبرة عن التهميش السلفى للنساء. ويؤكد الكاتب «أن هذا الفكر الداكن إنما ترك تأثيره القوى فى سلفى العصر، وكانت له أفكاره حول شتى القضايا المرتبطة بالمرأة كالنفقة والحيض والصلاة والمهر إلخ»، وطبعًا آخرها هذه الفتاوى المرعبة لجهاد النكاح فى سوريا. دراسة حديثة: فتاوى النكاح ظهرت فى بلاد النفط وطبقتها الدول الأفقر وزير الداخلية التونسى لطفى بن جدو أعلن خلال جلسة مساءلة أمام البرلمان، أن التونسيات اللاتى يسافرن إلى سوريا «يرجعن إلينا يحملن ثمرة الاتصالات الجنسية باسم جهاد النكاح، ونحن ساكتون ومكتوفو الأيدى، بعدما استفحلت ظاهرة «جهاد النكاح» إثر عودة مئات التونسيات من سوريا وهن حوامل لمؤازرة المقاتلين تطبيقا لفتوى العريفى. الأمر الذى لفت عادل سمارة فى كتابه جهاد النكاح، حين يتحدث عن البعد الطبقى لجهاد النكاح حيث النساء قد استجلبن من دول فقيرة مثل تونس، بينما لم تذهب سعودية أو خليجية واحدة ربما إلى هذا الجهاد فى سوريا، ولم تقدم لهن التسهيلات، لذلك على الرغم من أن هناك ربما سعوديات ووهابيات يؤمن بجهاد النكاح ويتمنينه بل أكثر من هذا «كيف يقول لسوريا أبناؤها «نقيدك» كى تُغتصبى، يُملئ فمها بالشوك والتراب..يُدمى رسغيها ويباعد ما بين الفخذين»؟ يتساءل الكاتب: تُرى من تورط عبر التاريخ من الثقافات والحضارات فى جهاد النكاح هذا؟ من أين نبع كل هذا؟ من بدأ به؟ صحيح أن هذه الفتاوى قد تم إنتاجها فى بلاد الريع النفطى، لكنه تم تطبيقها فى بلاد العجز الاقتصادى والثقافة العلمانية، حيث يستغرب الكاتب لماذا وكيف استقبل التونسيون والتونسيات هذا المفهوم للجهاد.. هل هو الفقر والحاجة أم لكسب الدين والدنيا معًا؟ يؤكد الكاتب أن سلفيى الربيع العربى قد تجاوزوا كل من سبقهم فى نوعية الفتاوى وغرابتها من تبرير الاغتصاب إلى جهاد النكاح إلى إرضاع الكبير.. وهذا هو نفق الجاهلية الكبير. يرى الكاتب أن ما حدث فى سوريا هو جريمة يندى لها الجبين فى وضح النهار، وبموافقة النساء وصمتهن، حتى اللوطيون الفرنسيون أرادوا الانخراط فى الجهاد فى سوريا وتغيير النظام لكن من عاد منهم أخبر كيف تعرض للاغتصاب من قبل الثوار. ويعرف الكاتب فى دراسته العدو فيقول هذا العدو أخطر، فهو إلى حد كبير من البلد، مشحون بثقافة متخلفة ثأرية بدوية منتفخة بالمال وتعيش عصر السيف والخنجر، ولدى البسطاء منه أنهم ينفذون أمر الله.. فى مثل هذا الموقف ترى المرأة أن الحقيقة الوحيدة الماثلة أمامها حين يستهدفها الاغتصاب هى: أن تُقتل أو تموت. 3 فتاوى سلفية شهيرة حول جهاد النكاح - خباب يبيح نكاح المتزوجة دون علم زوجها.. فجر الداعية الوهابى الشيخ خباب مروان الحمد قنبلة من العيار الثقيل بتشريعه ما يسمى «جهاد النكاح» للمرأة المتزوجة لمساندة المجاهدين فى حال كانت على محاور القتال، وقال الداعية بفتواه المثيرة للجدل، إن «المرأة المتزوجة المُناط بها الالتزام بأحكام فتوى جهاد المناكحة بحال وجودها بين المجاهدين يشترط بها عدم إعلام زوجها بما ستقوم به، وأضاف: «يجوز للمجاهدة التى اتخذت من الجهاد فى سبيل الله طريقاً أن تنكح غير زوجها فى ساحات الجهاد بشرط عدم علم زوجها، وذلك حتى لا تؤذى مشاعره، ولكن فى حال قبول الزوج أن تُنكح زوجته من مجاهد فلا مشكلة بمعرفته وعمله بذلك، وعملها خالص لله عز وجل». - ناصر العمر يبيح جهاد النكاح فى المحارم.. أفتى الداعية السعودى ناصر العمر للمجاهدين فى سوريا، بجواز جهاد النكاح مع محارمهم فى حال عدم وجود مجاهدات من غير المحارم، وأثنى الداعية السعودى على المجاهدين فى قتالهم المتواصل ضد آلة الكفر والظلام المتمثلة- حسب وصفه- فى كل من النظامين السورى والإيرانى. و من خلال كلمته التى بثتها قناة وصال، لسان حال إحدى الحركات المتشددة، قال «العمر»: إن البعض اليوم يسارع إلى انتقاد فتاوى الدعاة التى تخدم إخواننا المجاهدين فى سوريا، بينما لم ينتقدوا إجرام وقتل الأطفال والنساء فى سوريا»! هذه ليست المرة الأولى التى يصدر فيها الداعية السعودى ناصر العمر فتاوى جنسية مثيرة للجدل، فقد أصدر منذ فترة فتوى تجيز سبى نساء الشيعة وتوزيعهن على المجاهدين. - جهاد النكاح مع شرب بول المجاهدين.. الداعية السعودى الشيخ صالح المغامسى، إمام وخطيب مسجد قباء فى المدينة المنورة، أباح للمجاهدين فى سوريا من الجيش الحر وجبهة النصرة فتوى «شراب بول المجاهدين» وذلك من أجل غسل ذنوبهم بحسب تعبير المغامسى، وبثت قناة وصال السعودية مقابلة خاصة مع المغامسى بعنوان: «فتوى جبهات الجهاد» حيث ناقش المغامسى ضرورة العمل فى الفتاوى الصادرة عن علماء المملكة من أجل عدم وقوع المجاهدين فى الضلال فى سوريا والعراق، وقال الدنيا مرحلة عبور، وعلى المؤمن والمجاهد وخصوصا فى سوريا أن يتزود بأعمال الخير وغسل الذنوب، وهذا امتحان للمجاهد لغسل ذنوبه فى تنفيذ حكم شراب البول. وحول فتوى جهاد النكاح قال: «سمعت العديد ينتقد هذه الفتوى ولكن ما المشكلة بها وهى صادرة عن عقيدة إيمانية؟ وأنا أؤيد هذه الفتوى». لينا العائدة من سوريا.. الجهاد فى الفراش أوردت مجلة «كاونتر بانش» قصة إحدى النساء السوريات التى عانت من فتاوى «جهاد النكاح» تحت عنوان «الجنس والثورة السورية»، إذ ذكرت المجلة فى البداية حال التردد التى وقعت فيها الفتاة قبل موافقتها على إجراء المقابلة، وعند قبولها بالأمر على مضض أصرت على أن يكون اللقاء فى مكان عام. تصف المجلة لينا «اسم مستعار» بالمرأة الدمشقية العادية من حيث اللباس، إذ تلبس معطفاً طويلاً يغطى كامل جسدها، وتضع على رأسها حجاباً يغطى كامل شعرها. هى امرأة فى أواخر العقد الثالث من عمرها، مطلقة وأم لثلاثة أطفال، عاشت فى بيت أهلها لفترة من الزمن وعملت بأجر زهيد لتأمين قوت عائلتها، إلى حين عرض عليها أحد المشايخ الزواج من رجل يوازيها فى العمر تقريباً، قبلت لينا العرض، آملة أن يؤدى هذا الزواج إلى تحسين شروط عيشها. الزوج من منطقة عين ترما فى الريف الشرقى لمدينة دمشق، حيث يسيطر الإسلاميون المتطرفون. وبعدما طلب زوجها مرافقته إلى بلدته، دخلت لينا وهى تظن نفسها داخل مدينة أشباح، حيث لا مياه ولا كهرباء، ودمار كامل فى الممتلكات الخاصة والعامة، صدمت بوجود عدد من الرجال لا توحى مظاهرهم بأنهم سوريون يلبسون لباساً أفغانياً بعباءات حتى الركبة، ويضعون غطاءً لرؤوسهم، يحملون السواطير والسكاكين والأصفاد، كما رأت عدداً من السيارات من دون لوحات حكومية، وسيارة إسعاف تابعة لأحد المستشفيات فى المنطقة، كان واضحاً أنها مسروقة. شعرت لينا هناك بأنها تلبس ثياباً فاضحة بين جميع أولئك النساء اللواتى يلبسن نقاباً يغطيهن من رأسهن حتى أسفل أرجلهن مع قفازات لليدين أيضاً. فى عين ترما، أقامت لينا محادثة مع زوجها جعلتها تعيد النظر فى معتقداتها الأساسية وإيمانها، بالنسبة إليها كان الإسلام يشكل الغطاء والإيمان الفعلى، ولكنها سمعت من زوجها أمراً مختلفاً، وأحست بأن ما تسمعه هو إسلام غريب قاتم ومنحرف. أخبرها زوجها أن المشايخ الذين يعيشون فى البلدة قد دعوا جميع من فى المنطقة إلى الجهاد، ولكنه أنبأها أن للجهاد أوجهاً عدة، قد يكون جهاداً بالسلاح والقتال، أو بالمال، وعند الحاجة جهاداً أسماه «جهاداً بالنكاح»، وشرحه لها بأنه ينبغى للفرد أن يتزوج من جميع الأرامل اللواتى فقدن أزواجهن خلال المعارك. فى «جهاد النكاح» يجب على الرجل الزواج من أربع نساء ومن ثم يطلقهن خلال وقت قصير ليتيح لغيره الزواج منهن، كما على المرأة المطلقة بدورها الزواج من أكثر من رجل، وتستمر العملية مداورة بهذا الشكل. وبعدما استمعت لينا إلى شرح زوجها، سألته: «ماذا عن العدة؟»، والعدة هى فترة تمتد إلى حوالى أربعة أشهر يحرم فيها على الأرملة أو المطلقة الاقتراب من أحد الرجال بسبب وجود احتمال بأن تكون حاملاً من زواجها السابق، فأجاب زوجها بتهكم: «سيجد الشيخ فتوى ما لهذه الحالة». إذاً ما المغزى من «جهاد النكاح»؟ ولماذا خرج فجأة إلى الضوء خاصة فى سوريا؟ فى حالة عين ترما، استطاعت لينا استخلاص إحدى الإجابات، فسكان المنطقة جميعاً ينتمون إلى المجموعات المسلحة التابعة للمعارضة، حيث إن عائلاتهم ومناصريهم وكل شخص آخر من هذه المنطقة كانوا قد فروا. كان ضرورياً جداً الحفاظ على الكثافة السكانية فى المنطقة من خلال الحفاظ على من تبقى فيها، خوفاً من تضاؤل أعداد السكان، فتحويل عين ترما إلى نقطة حيوية حيث الجنس المجانى، بالإضافة إلى إعطائه الطابع الشرعى، كان إحدى الطرق التى تساعد على إبقاء السكان داخل المنطقة. نظرية «لينا» حول هذه الدوافع كانت قد أثبتت بعد شهر فقط على زواجها، حيث قرر زوجها «الوفاء بالتزاماته» فى «جهاد النكاح» عندما قرر الحصول على زوجة جديدة وهى فتاة شابة ترملت حديثاً، فسمعت لينا محادثة لهما على الهاتف قبل يوم واحد من زواجهما، حيث كان الشرط الوحيد للزوجة الجديدة هو «أن يثبت الزوج قدرته على التحمل والاستمرار، ليس فقط فى ساحة المعركة وإنما فى الفراش أيضاً!». تبين لـ«لينا» أن «الثورة» كانت مبنية على الحاجات الجنسية والرغبات أكثر منها لتحقيق مطالب مشروعة، ومع الوقت أصبحت حياتها لا تطاق، فقيم زوجها الإسلامية الجديدة التى بدأ بتطبيقها عليها كانت كفيلة بتدميرها، فقد أجبرها على إيقاف التدخين، لأن التدخين بنظره حرام وآثم، وأخبرها فى إحدى المرات كيف أنه كان على وشك النجاح فى اختطاف أحد الجنود السوريين فقط لأنه يخدم فى الجيش، لكن الحظ أنقذه. تركت تجربة لينا مع زوجها الثانى، جرحاً كبيراً لديها، لأنها دمرت إيمانها فى بعض من أبناء بلدها والطريقة التى ينظرون فيها إلى الإسلام، ساعية إلى الطلاق من زوجها بعد شهرين فقط على زواجهما. الأزهر: زواج المتعة أحله الرسول للصحابة فى الغزوات ثم نسخه من جانبه، قال الشيخ سعيد عامر، رئيس لجنة الفتوى بالجامع الأزهر الشريف، إن زواج المتعة الذى أباحه الرسول للصحابة فى الغزوات تم نسخه، وأصبح حراما لأنه ارتبط بعصر الجاهلية، مؤكدا أن فتاوى جهاد النكاح لا علاقة لها بالإسلام، ولا يصح أن نطلق عليه زواجا فهو زنا صريح لا علاقة له بالإسلام، لأنه لم يستوف شروط عقد الزواج. داعية سلفى: الأحاديث صحيحة ولكنها منسوخة إلى يوم القيامة من جانبه، قال الداعية السلفى الدكتور أسامة القوصى، إن الأحاديث الواردة فى الصحيحين البخارى ومسلم، أحاديث صحيحة، كانت تحل نكاح المتعة الذى كان متاحا ثم نسخ إلى يوم القيامة، ولا رجعة فى هذا النسخ، مضيفا: «كانت هناك أمور حلال ثم حرمها النبى الكريم صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة ولا خلاف إذا كان مباحا». وقال، إن علم الناسخ والمنسوخ، ظهر لأن هناك أحكاماً كانت مشروعة وتغيرت إلى أخرى جديدة أصبحت بديلة عن الحكم السابق، مؤكدا أن الشيعة يستحلون زواج المتعة حتى اليوم، ومازالوا على القول بالحل ولا دليل عندهم على القول بالحل، ولكننا نحن أهل السنة على موقف ثابت». واستكمل: لا علاقة لزواج المتعة بما يسمى نكاح المجاهدة، فما ترويه بعض الهاربات من الجحيم فى سوريا، تحكى أنه فى اليوم الواحد كان يدخل عليها ستة رجال دون استبراء، وهو زنا صريح ولا علاقة له بنكاح المتعة المنسوخ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق