فبراير 06، 2015

قانون الإجراءات الجنائية المكبل يظلم كل من القاضي والمجني عليه .. بقلم عبد المنعم الخن

قانون الإجراءات الجنائية هو المسئول عن إطالة محاكمات الإرهابيين وبطء القصاص الذي ينتظره أهالي الشهداء والشعب بأكمله , هذا القانون المعوق لا يصلح
كخريطة لنظر قضايا الإرهاب ولا يجدي الأخذ بنصوصه في وقت الحرب , فهو قانون معطل ومبطيء لحسم قضايا الإرهاب وأعمال الشغب والإجرام , كما يضع القضاة في حرج شديد ويوصمهم بالامبالة حيال ما يجري علي أرض مصر من جرائم إرهابية فيها القتل بكل أنواعه من إطلاق رصاص وخرطوش وتفجير عبوات وحرق منشآت ومؤسسات.


قانون الإجراءت الجنائية رقم 150 الصادر في 3 سبتمبر سنة 1950 والذي عدل عدة مرات كان آخرها المرسومٍ بقانونٍ الذي صدر في 11 نوفمبر 2014 برقم 138 لسنة 2014 من الرئيس عبد الفتاح السيسي ، بإدخال بعض التحسينات، لكنها ليست حلًّا سحريًّا لإصلاح نظام العدالة الجنائية المصري الذي تشوبه عيوب جسيمة , وأهم هذه التعديلات جاءت في المادة 66 منه والتي تنص علي ضرورة إنتهاء قضاة التحقيق من تحقيقاتهم في غضون ستة أشهر مع جواز مدها ستة أشهر أخري بمعرفة الجمعية العامة للمحكمة المختصة , وفي حالة إخفاق القاضي في إنجاز التحقيق خلال الستة شهور الأولي دون مبرر , جاز للجمعية العامة أن تنتدب قاضيا آخر لإستكمال التحقيق , وفي إعتقادي أنه تغيير إيجابي من حيث أن التحقيقات التي يجريها القضاة كان يمكن قبل التعديلات أن تستمر بدون أجل مسمى. 

السؤال الذي يطرح نفسه الآن هل تتم حاليا أية تحقيقات بمعرفة قضاة التحقيق في قضايا قادة الإخوان ومؤيديهم وقضايا النشطاء المتهمين بخرق قانون التظاهر؟ 
الإجابة: لا .. هي تخضع كلها للتحقيق بمعرفة النيابة العامة أو النيابة العسكرية أو نيابة أمن الدولة العليا 

هذا عن المدة التي تستغرقها التحقيقات , أما عن المدة التي تستغرقها المحاكمة لصدور حكم نهائي بات بإعدام أي متهم في القانون المصري مرتين وأحيانا ثلاث مرات. فى المحاكمة الاولي ينظر قضيته ثلاث قضاة يجمعوا على استحقاقه لعقوبة الاعدام، فإذا رفضه أحدهم لا يحكم به. ثم يتم عرض القضية على محكمة النقض لينظرها على الاقل خمسة قضاة، ثم يتم محاكمة المتهم مرة ثانية أمام محكمة جديدة مشكلة من ثلاث قضاة يجمعوا على استحقاقه عقوبة الاعدام، فإذا رفضه أحدهم لا يحكم به. ثم يتم عرض القضية على محكمة النقض للمرة الثانية التي تتحول إلي محكمة موضوع لينظرها على الاقل خمسة قضاة، يجمعوا على استحقاقه عقوبة الاعدام، فإذا رفضه أحدهم لا يحكم به , أى أن ١٦ ستة عشر قاضيا سيحاكمون المتهم خلال اكثر من محاكمة، ويؤخذ رأي المفتي، ويصادق علي تنفيذ العقوبة رئيس الجمهورية. فإذا رفض قاض واحد من الستة عشر قاضيا ان يصدر حكم بالاعدام، تعذر علي المحكمة معاقبة المتهم بالاعدام.. وكما ترى فهي ضوابط دقيقة للغاية، تكفل حقوق المتهم وتسمح بتدارك أى أخطاء يمكن أن تشوب الحكم , وليس هذا فحسب بل هناك بعد كل هذه الخطوات ما يعرف بإلتماس إعادة النظر إذا جد جديد في القضية يستلزم إعادة النظر.

الإجراءات السابقة أو قل هذا المشوار الطويل حتي يتم إعدام المدان هي إجراءات لا بأس بها في ظروف البلد العادية أو في حال السلم , أما في حال الحرب فالأمر مختلف خصوصا الوطن في حالة حرب في الداخل تقوم بها جماعات إرهابية تستخدم أحدث الأسلحة وتقتل وتفجر وتحرق , فهل من ثبت في حقه هذه الإتهامات جدير بان يتمتع بهذه الضمانات لاسيما وأن بعض القضايا "مقشرة" بمعني أن المتهم فيها معترف بجريمته ومحاصر بأدلة دامغة جازمة ومع ذلك يطول المطال حتي يتم تنفيذ حكم الإعدام في الأحوال التي تستوجب ذلك , هذا مما جعل الشعب يستاء من طول المحاكمات , فهو يسمع "ضجيحا ولا يري طحينا" ويصب جم غضبه علي القضاة والنظام القضائي ومن يفعل ذلك هو الرجل العادي البسيط الذي أكتوي بنار الإرهابيين وينتظر قصاصا , وهو معذور لأنه غير ملم بقانون الإجراءات الجنائية المكبل ولا يعنيه.

نأتي إلي نقطة أخري في غاية الأهمية وهي تخص محكمة النقض المبجلة وهي الإسراف في إلغاء أحكام محاكم الإستئناف في المرحلة الأولي والثانية علي السواء , وأني لأتسائل ما معني هذا الإسراف في قبول الطعون وإلغاء الأحكام , أليس هذا الإسراف ينبأ بعدم كفاءة ثلاثة قضاة أصدروا هذه الأحكام بالإجماع ؟ , أليس هذا مطعنا في مقدرة وعلم وخبرة قضاة أجلاء؟ قبل الرد علي هذه التساؤلات أنبه بأني أتكلم في حال الإسراف وليس في الحال العادية التي قد لا ينتبه فيها القاضي إلي شاردة هنا أو واردة هناك أحاطت بحيثيات حكمه.

بناء علي كل ما تقدم ينبغي تعديل قانون الإجراءات الجنائية المكبل لكل من القاضي وأصحاب الحقوق المدنية وأهالي الضحايا الذين ينتظرون قصاصا آنيا لذويهم.

إن نظر القضية علي ثلاث مراحل بثلاثة محاكم ينظرها ستة عشر قاضيا بالإضافة للفترة الزمنية الطويلة التي تستغرقها التحقيقات في النيابة العامة تجعل من المحاكمات أمر ينتفي معه الردع الذي تنشده العدالة خصوصا في حق الجماعات الإرهابية التي تعيس في الأرض فسادا.

وأني أري وجوب تعديل هذا القانون المكبل , قانون الإجراءات الجنائية , وجعل نظر القضية الجنائية علي مرحلتين فقط مرحلة أولي تتولاها محكمة الإستئناف ومرحلة ثانية تتولاها محكمة النقض ولا باس من تغيير إسمها إلي محكمة التمييز كما هو معمول به في بعض دول الخليج كالعراق والكويت , كما يجب إلغاء شرط تصديق رئيس الجمهورية علي أحكام الأعدام لأن هذا ينطوي علي تداخل بين السلطات وفيه ثمة إهدار لإستقلال القضاء الموقر , كذلك ينبغي أن تطال التعديلات إلغاء عرض أحكام الإعدام علي المفتي لأنه لا جدوي من ذلك طالما رأيه إستشاريا - ويجب أن يكون كذلك - ولأن هذا حكم مدني لا حكم ديني وكم عانينا من تدخل الدين في أمور كثيرة أخرت البلاد لقرون عديدة.

هذا كتابي أملاه عليّ ضميري وحبي للوطن الذي أراه محتاج لثورات عديدة في القوانين المكبلة والتعليم والصحة والإسكان والمرافق والمحليات وثورة من أجل المفهوم الإنساني الراقي للفكر الجمعي.

ليست هناك تعليقات: